JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

♢ الـــكـــــــذب ♢


يلجأُ النّاس في بعض المواقف بحياتهم اليوميّة للكذب، وقد تكونُ الكذبة إمّا بريئة وغير مؤذية وهيَ ما سيمونها بالكذبة البيضاء، وإمّا أن تكونُ مؤذيةً وتُسبب المشاكل للآخرين، وفي الحالتين الكذب يبقى كذباً ولو تعددت أسبابه واختلفت، فالحقيقة وحتّى لو كانت مريرة ومؤلمة إلّا أنّها أفضل، فعلى الإنسان أن يكونَ صادقاً في كلامه وتصرفاته مع الآخرين حتّى يبني علاقة يملؤها الثقة معهم.
الكذب، هو آفة اجتماعية خطيرة، تتضمن البعد عن قول الحقيقة، والتحايل عليها، كشهادة الزور، ونقل الأحداث بتلوينها وتبديلها، يقول الله تعالى : " إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب "، وقد يكون للكذب دوافع عديدة، كالطمع، والرغبة في إفساد العلاقات بين الناس بسبب الغيرة والحسد.
قد يكون الكذب لأجل الحصول على مديح الآخرين المزيف، أو تحقيق مناصب بالغش والتزوير، أو بدافع العداوة مع الآخرين، وهناك أيضاً كذب بدافع الضحك والسخرية، وهو من أنواع الكذب القبيحة، التي تتسبب بالكثير من المشاكل، كما أن خلف المواعيد يعتبر من الكذب، الذي يسبب أضراراً عديدة.
الكذب محرمٌ في جميع الشرائع السماوية، ومكروه ومنبوذ من جميع المجتمعات والناس، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى عقوبة الكذب بالعذاب الشديد، ووصف الأشخاص الكاذبين بأبشع الصفات، كما حذر النبي عليه الصلاة والسلام من الكذب، ووصف الشخص الكاذب بأنه فاجر، وجعل الكذب علامة تدل على نفاق صاحبه، لأن الأصل في الأقوال والأفعال هو الصدق، وأية مخالفة لهذا تندرج تحت مسمى الكذب.

إنّ الصدق سبب السعادة، والنقاء، وحسن إدراك الأمور، وهو دليل وروح الإيمان، والكذب هو سبب الشقاء ومن خصائص المنافقين وهو من أعظم أنواع البلاء، وهو من الأمراض الخطيرة التي تسبّب الفساد، لأنّ الكاذب يصوّر أموراً ليست موجودة على أنّها واقع، ويجعل الكذب واقعاً، والحق باطلاً، ونفس الكاذب تميل إلى الباطل وخلط وتصوير الأمور، فلا تصدق له قولاً، ولا تأمن جانبه، وأقواله وأعماله غير نافعة.
♢ أسباب تحريم الكذب :
من قبائح الإثم والذنوب والمعاصي وهو يوصل صاحبه إلى النار، والصدق جامع لكلّ الخير وهو سبب من أسباب دخول الجنة، والكذب طريق إلى المعصية وهو من أسباب دخول الجنة، والكذب أساس الفجور، وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار".
أصل الكذب التحريم ولكن هناك بعض الحالات التي يباح فيها الكذب، مثل حفظ النفس من ظالم يريد القتل، أو السؤال عن المال المخبّأ، والوديعة التي يريد ظالم أن يأخذها.

♢ أقسام الكذب :
① المحرّم: وهو الذي لا توجد فية منفعة.
② المكروه:هو لجبر خاطر الوالد أو الزوجة.
③ المندوب: في حالة تخويف الأعداء.
④ الواجب: وهو لتخليص مسلم من الهلاك أو الحفاظ على ماله.
⑤ المباح: الذي يكون للإصلاح بين الناس.

♢ أضرار الكذب :
للكذب أضرار عديدة وجسيمة، ومنها ما يلي:
① يورث لصاحبه السمعة السيئة، فيفقد احترامه ومهابته بين الناس، ولا يصدقه أحداً أبداً حتى لو نطق بالصدق فيما بعد، وتصبح شهادته غير مقبولة أبداً، ولا يصدق أحدٌ مواعيده ووعوده وعهوده.
② يسبب لصاحبه الإحراج أمام الله والناس، خصوصاً عندما ينسى كذباته التي يختلقها، فيصبح في موقفٍ اجتماعيٍ سيءٍ لا يحسد عليه، فيفتضح أمره بين الناس، ويصبح مثار سخريتهم وحديثهم.
③ يضعف ثقة الناس به، ويصبح محط خوف وقلة ثقة، فلا يؤمنّون عليه أبداً.
④ يتسبب في ضياع الوقت، وتبذير الجهد، ويصبح التمييز بين الصدق والكذب صعباً جداً.
⑤ يطمس الحقائق، ويضيع حقوق الناس، ويتسبب بالظلم لأشخاصٍ على غير وجه حق، بسبب قول الزور، أو الإدلاء بشهادة كاذبة.
⑥ يسبب موت القلب، وبلادة النفس والروح، فلا يستشعر الكذاب قرب الله تعالى منه أبداً.
⑦ يسبب العديد من الأمراض العضوية للجسم، بسبب بقاء الكاذب في حالة توتر، وخوف، وجزع، خشية أن يفتضح أمره، فيصاب بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع السكري، والصداع المزمن، والأرق، والفزع، وعدم القدرة على النوم العميق، والشعور بالاكتئاب والتوتر والضغط النفسي والجسدي، فيصبح الكاذب شخصاً مريضاً جسدياً وروحياً.
⑧ يولد الشعور بالذنب وتأنيب الضمير الدائمين، فلا يشعر الكاذب بالراحة أبداً.
⑨ يسبب بتربية العداوات بين الناس والشخص الكاذب، فيجلب الكراهية والعداوة لصاحبة , ويسبب إفساد المجتمع، وحدوث الكثير من المشاكل بين الناس، والإفساد بينهم.

♢ أسباب الكذب :
① تفادي العقاب: 
وهوَ الكذب الشائع في مرحلة الطفولة وبينَ الصغار، فقد يلجأ الطفل للكذب على أهله أو مُعلميه في المدرسة حتّى يتفادى العقاب على تصرُفه، ككسر القلم، أو تناول الكعكة وغيرها من الأمور الصغيرة وغير المؤذية، ولكن قد يتطوّر هذا الكذب وينمو مع الطفل ليُلازمهُ في مرحلة الشباب، فقد يلجأ للكذب وإخفاء الحقائق لتفادي الوقوع في المشاكل في العمل أو مع الزوجة أو الأهل.
② الحفاظ على الحُكم الذاتي: 
وهوَ من الأنواع الخاصّة بمرحلة الطفولة، فالطفل يظُن بأنَّ أهلهُ يستطيعونَ قراءة أفكاره في السنوات المُبكرة من عُمره، لذلِكَ يلجأُ للكذب وتغيير الحقائق حتّى يرى ردّة فعل والديه، ففي حال عدم اكتشافهم الأمر، يبدأ الطفل بإدراك عدم مقدرتهم على قراءة الأفكار. وفي مرحلة المُراهقة قد يلجأ المُراهق للكذب كوسيلةٍ للتعبير عن استقلاليته عن والديه، فيبدأ بإخفاء بعض الحقائق عن حياته الشخصيّة وتغيير بعض الوقائع حتّى يُثبِتَ لهُم بأنّهُ لم يعُد صغيراً.
③ العدوانية: 
وهوَ يحدُث عندما يلجأ الشخص للكذب ليؤذي الآخرين ويُسببَ لهُم المشاكل، إن كانَ ذلِكَ بقصد أو دون قصد، فالبعض يلجأ لهذا النوع حتّى يُحقق غاياتهُ الشخصيّة، ككذب التاجر بنوعيّة السلعة وجودتها حتّى يبيعها للمُشتري وهكذا.
④ الشعور بالقوّة والثقة: 
فعندما يكذب الشخص ويُفلتُ بفعلته يبدأ بالشعور بالطاقة والقوّة، وتجدُد الرغبة بالكذب مرّةً أُخرى، وهيَ من الحالات التّي تُصيب الأشخاص الذّينَ لديهم مشاكل نفسيّة بسبب توتُّر الحياة والأجواء من حولهم.
⑤ مُساعدة الآخرين:
ويُشارُ إليها في بعض الأحيان بالكذب الحميد أو الجيّد، وتكونُ الغاية منهُ غالباً مُساعدة الآخرين أو حمايتهم من الوقوع في المشاكل، كإخفاء الأخ سلوك أخيه السيّئ ليُجنبهُ العقاب من قبل والديه.
⑥ مُجاملة الآخرين: 
فالنّاس يرغبونَ بسماع ما يُريدونهُ وما يجعلهم سُعداء، ففي كثيرٍ من الأحيان عندما تسأل المرأة زميلتها فيما إذا كانت إطلالتها جميلة، تجاملها الأُخرى عن طريق الإطراء على مظهرها مع أنّها قد لا تبدو جميلة على الإطلاق، والأمر الذّي يدفعها للقيام بذلِك هوَ لتجنُب إيذاء مشاعرها، فالحقيقة في هذهِ الحالة تكونُ مؤلمةً، وهُنالِكَ العديد من الأسباب الأُخرى لظاهرة الكذب، ويختلف السبب من شخصٍ لآخر، ولكن يجب التذكُّر دائماً بأنَّ الحقيقة مهما كانت مؤلمة تبقى أفضل من الكذب.
⑦ عدم الاستشعار بمراقبة اللة في جميع أحوال الإنسان.
الرغبة في تزييف الحقائق والتفاخر بالمكاسب الدنيوية.
مسايرة المجالس والرغبة في لفت الانتباه بسرد الحكايات والمعلومات الكاذبة.
⑧ التهرب من المسؤولية في المواقف المختلفة والتعود على الكذب في سن مبكرة، بسبب عدم التربية السليمة.
⑨ التباهي بالكذب وأنّه من أنواع الذكاء وسرعة البديهة.

♢ التخلّص والعلاج من الكذب :
① معرفة حرمة الكذب في الإسلام، وشدة العقاب واستشعار ذلك في كل حديث وفي كل مجلس.
② التعود على قول الحق وتحمل المسؤولية والمعرفة الأكيدة بأن قول الصدق هو الخير.
③ محاسبة النفس وتعويدها على قول الصدق.
④ عدم الخوض في مجالس الكذب واستبدالها بمجالس الذكر والقرآن.
⑤ أن يعرف المسلم أنّ الكذاب هو من المنافقين، وأن ثقة الله لا تكون بكاذب ومعرفة النتائج المترتبة على الكذب يساعد في التخفيف من الكذب.
⑥ الحياء من الملائكة الذين يكتبون كلّ ما ينطق الإنسان والدعاء بأن يجعل الصدق عنوان الإنسان ويبعد الكذب عنه ومراقبة الله وإستشعار عظمته ونظره للإنسان وقربه منه.
⑦ مرافقة الأصحاب الصالحين الذين يشجعون على التمسك بالعادات الحميدة.
⑧ إقناع الإنسان بأنّ الكذب هو من الأخلاق الذّميمة والصّفات السّيئة التي تبعد عن الإنسان سمة الصّلاح والتّقوى، وأن ينصح بالمعروف والكلمة الحسنة ويذكر بحرمة الكذب شرعًا وأنّه لا يجوز سواء كان الإنسان مازحًا أو جادًا في قوله وكلامه والكذب ليس وسلية للنّجاة والخلاص من المواقف الصّعبة، وإنّما قد يزيد الكذب الأمور تعقيدًا في أحيانٍ كثيرة وخاصّة عندما يكتشف النّاس أنّ هذا الشخص يكذب فربما انعدمت ثقة النّاس به واهتزت، وإقناعه كذلك بأنّ الصّدق منجاة وتدعيم ذلك بذكر قصص لأناسٍ نجّاهم صدقهم من أصعب المواقف وأحلكها بتوكّلهم على الله تعالى وصدق نيتهم.
⑨ إقناع الإنسان الذي يكذب بأنّ هناك وسيلة تغني الإنسان عن الكذب وهي التّعريض أو التورية، وهذا الأسلوب يعني أن يواري الإنسان في كلامه حتّى يحمل الإنسان المقابل له على فهم كلامه على غير ما قصده، ومثال على ذلك ما فعله النّبي عليه الصّلاة والسّلام حينما قال لشيخ من العرب يوم بدر نحن من ماء، فعرّض بكلامه حتّى لا يخبر الشّيخ بالحقيقة، فالنبّي الكريم قصد بكلامه أنّ كلّ النّاس خلقت من ماء، وفهم كلامه الرّجل أنّه من منطقة فيها ماء، فالتّعريض والتّورية جائزة وفيها سعةٌ عن الكذب وإن كان يكره أن تقال من غير حاجة أو ضرورة أو أن يعتاد النّاس عليها.

في النهاية اسأل الله تعالى لي ولكم حسن القول والابتعاد عن قول الزور والكذب والنفاق وأن يصلح ذات بيننا ويرزقنا الصلاح والفلاح في القول والعمل ...
الاسمبريد إلكترونيرسالة