JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

♢ مدينة دركوش ♢


هلموا معي أحبتي لنحط الرحال إلى مدينة من مدن محافظة ادلب ونتعرف من خلال هذه الدقائق على تاريخها وحاضرها ودعونا نغوص في غمار قصصها الأثرية وأوابدها التاريخية ...
دركوش بلدة قديمة تقع على بعد خمس وثلاثون "كم" غرب إدلب بالقرب من جسر الشغور و حارم ، تقع في مركز استراتيجي هام على ضفة نهر العاصي ، في منحدر سحيق بين جبلي الوسطاني و الدويلي و جبل القصير . كانت تتحكم في الطريق الرئيسية بين انطاكية و جسر الشغور و أفاميا, وعدد سكانها الحالي يبلغ حوالي العشرون ألف نسمة بعد موجة النزوح إليها ...
تتألف دركوش من البلدة القديمة بأزقتها التاريخية الجميلة و دورها العربية التي تشابه الدور القديمة في محلة الجديدة بحلبو سوقها الأثري .
و من البلدة الحديثة التي بنيت غرب البلدة القديمة بمبانيها الإسمنتية التي تسلقت سفح الجبل .
دركوش الحديثة والتي تتألف من الأبنية الحديثة والشوارع العريضة والمطاعم والمنتزهات السياحية الفخمة والمشهورة بمأكولاتها اللذيذة وأشهرها سمك السلور والكبب والمشاوي ...
وفيها حزام سياحي على طريق عين الزرقا يضم مئات المسابح والشاليهات الخاصة التي كان يقصدها السياح من كل مناطق سورية.



معنى اسم دركوش :
ذكرها الجغرافي الروماني سترابون باسم ( خاريبد ) في موسوعته (التاريخ الجغرافي) التي تتكون من 47 مجلدا و كتبهافترة ميلاد السيد المسيح منذ حوالي ألفي عام و قال أنها واقعة في هوة جبلية بينانطاكية و أفاميا, كما ذكرت في النصوص الأشورية المكتشفة في تل العشارنة جنوبي جسرالشغور باسم ( كوش ).
يقول الأسدي في موسوعته إن دركوش هي كلمة سريانيةتعني الطريق الصغير لضيق طرقاتها بين الجبال ، أما الأب شلحت السرياني فيقول إنها كلمة سريانية تعني مهد الطفل لأنها تشبه المهد في وقوعها بين جبلين .
و يعتقد بعض المؤرخون انه كان فيها دير سمي باسم البلدة كوش .فصارت تسميتها دركوش .

أهمية دركوش كميناء نهري :
كانت دركوش قبل الفتح الإسلامي ذات أهمية تجارية لها صلة مباشرة مع انطاكية و تعتبرميناءاً نهرياً على نهر العاصي, مما حدا بالمسلمين بعد الفتح إلى إلحاقها إدارياً بإنطاكية .و هناك بقايا أحجار ضخمة على ضفة النهر تشير إلى موقع رسو السفن النهرية .

أهم المواقع السياحيـة و الأثريـة :
- الحمام الروماني الذي جدد في عهد الملك الظاهر.
- خان الحريري.
- الجسر الروماني القديم على نهر العاصي.
- مدفن السلطان بدر الدين الهندي مع بعض حاجياته الشخصية.
- جامع قديم مع مئذنة تاريخية أعلاها مغطى كالفسيفساء .
- آثار بناء طاحونة مياه على نهر العاصي كانت إلى وقت قريب تضم العديد من النواعير.
- يوجد فيها ينابيع مياه عذبة يزيد عددها عن 30 نبع، نذكر منها:
نبع عين الدباغة الذي يروي سكان البلدة، ينبع من سفح الجبل عبر سلسلة من المغاور ويصب فِي العاصي في حوض حجري أثري مربع الشكل يستعمله السكان للسباحة، وربما قديماً كان يستفاد منها في أعمال الدباغة، و عين التكية ذات المياه المعدنية التي تقارب بنوعيتها مياه دريكيش يشربها الناس للاستشفاء.
مغارات دركوش:
تمتلئ الجبال المحيطة بالبلدة بالمغارات الجميلة القديمة، أهمها:
① مغارة النمر:
في أعلى الجبل المطل على البلدة مغارة كبيرة فوقها فتحة حجرية يطلق عليها السكان مغارة النمر، فحسب أسطورة قديمة كان يسكن فيها نمر كبير.
② مغارة الحكيم:
مغارة في الجبل حفر فيها الصخر على شكل فتحات، يعتقد السكان أنه كان فيها قديما ًحكيماً طبيباً يصعد إليه الناس لتلقي العلاج، ويضع الأدوية في هذه الفتحات الحجرية.
③ مغارة العبد و الجارية:
في أعلى الجبل مغارة صغيرة رسم في جدارها صورة سوداء لشخص واقف وأمامه آخر جاثٍ أمامه يسميها السكان مغارة العبد والجارية.
تمثال دركوش:
قرب عين التكية وعلى جبل مرتفعٍ نُحته البحارة كوجه رجل واقف يرتدي التاج وفاء لملك البحار و يسمِّيه الأهالي ملك البحارة، أسفل التمثال يوجد مدفن محفور في جدار الجبل، وفوق مدخله كتابتان باللغة اليونانية الإغريقية:
الأولى :
تشير للاسم القديم لنهر العاصي وترجمتها:
” زينو ذوروس والأرنديون نحتوا وأقاموا هذا المدفن”
أما اسم زينو ذوروس: فيبدو انه كان زعيم المنطقة، وكلمة الأرنديون: نسبة إلى الأرند وهو اسم نهر العاصي القديم.
والثانية كتابة ترجمتها:
” في سنـة 352م من شهر تَمُّـوز، أوتيخوس رئيسُ صناع السفن هنا، حيثُ يرقدُ كما رقدتْ دومتلا أمي الحبيبة جداً. ابتهجي أيَّتُهـا الأمُّ … ما من أحدٍ خالد”.
هذا دليل واضح على أهمية دركوش كميناء رئيسي على نهر العاصي في تلك الفترة المبكرة، ويدل هذا النص على أهمية دركوش أيضاً كمركز لصناعة السفن .
قلعة دركوش :
في زمن الحروب الصليبية تحول الحصن المبني بالجبل أعلاها إلى حصن دفاعي قوي تناوب على احتلالهالعرب و الفرنجة.
و في عام 1188 م عبر هذا الحصن صلاح الدين الأيوبي إلى الجهة الشرقية من العاصي بعد فتحه قلعة بكاس الشغور.
و عندما استولى التتار على حلب انتهز القائد الصليبي ( بيوموند ) صاحب طرابلس الفرصة و استولى على دركوش و حوَل القلعة إلى حصن منيع بقي في يديه حتى عام 1267 م استرده الملك الظاهر بيبرس بعد فتح انطاكية.
و في عصر المماليك استولوا عام 1403 م على انطاكية و القصير و بلاد ديركوش, فخرج إليهم الأمير دمرداش من حلب و لم يتمكن منهم .
في الزلزال الكبير عام 1822 م انهارت القلعة و سقطت الصخور على البلدة في الوادي ودمرت معظم مبانيها و تحولت القلعة الآن إلى بقايا خربة يسميها الأهالي الخربة الشمالية .
على الرغم أن نهر العاصي يكاد يكون جافا خلال عبوره مدينة جسر الشغور و لا يتجاوز عمقه صيفا النصف متر إلا أن عشرات الينابيع تغذيه قبل ما يصل إلى دركوش ليزيد عمقه على المترين و يجتاز بساتين البلدة تجاه الحدود التركية القريبة متوجها نحو انطاكية .
وتشتهر دركوش بمواسم الجرانك والرمان والزيتون والخوخ والمشمش والتين صبار والعديد من الفواكه والخضروات التي تنتجها بساتبنها المترنحة حول ضفاف العاصي ...
ومن الناحية السياسية بالزمن الراهن كانت من أوائل المدن الثائرة على النظام البعثي وخرجت بمظاهرات حاشدة بالبداية وكانت من المدن المحررة الأولى على مستوى سورية وقدمت المئات من الشهداء وحصل فيها عشرات المجازر نتيجة استهدافها من النظام الطاغي ...
اسأل الله تعالى أن يحفظ دركوش وسكانها الطيبين الكرام وأن يديم الأمن والطمأنينة في ربوعها وضفافها ..
واحمد الله تعالى الذي وفقني لجمع وكتابة هذه المادة والمقالة الشاملة عن مدينة دركوش ..

الكاتب مصطفى طه باشا
الاسمبريد إلكترونيرسالة