JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الأنثى كل المجتمع




بقلم أ. مصطفى طه باشا 

من بين المفارقات العجيبة في الحياة, مقارنة الأم أو الأنثى بالرجل, أو محاولة إرضاءها بأنها نصف المجتمع, وأنها ركن أساسي من أركان قوام المجتمع, لأن الأنثى, والأنثى أم, هي المجتمع بحد ذاته, فصلاح وسلامة المجتمع تعتمد على الأنثى ودورها الجبار في الحفاظ على بيتها وأسرتها ومجتمعها وبلدها من التفكك والانحلال والتخلف والضياع, فهي أساس لتطور ونهضة ونجاح أي مجتمع في العالم.
فهذه أمي, تضحي وتكافح بل وتناضل وحتى تقاتل في سبيل دراستي وعدم تركي للمدرسة, فقد وصلت إلى الصف التاسع وأغلب أقاربي لم يتخطوا الصف الثامن, عن أولاد خالتي وأخوالي أتحدث, أصبت بداء الغيرة منهم وعنّت في فكري ومخيلتي بأن أترك المدرسة والتحق بعمل ما, كما فعل رفاقي وأقاربي, وأصررت على ترك المدرسة ولكن أمي في كل مرة تصرخ في وجهي قائلة " سأخرب الدنيا فوق رأسك إن تركت المدرسة أو إن فتحت الموضوع مرة ثانية " وأخيرًا قررت ترك الدراسة والمدرسة والالتفات للحياة والعمل الحر, ولكن أمي لم تشعر بالملل والتعب من رغبتي الجاهلة والمفعمة بالمراهقة والطيش, وبالنهاية قالت لي بغضب وبلهجة زجر صارمة " سأغضب عليك حتى يوم الدين إن تركت المدرسة والتعليم "
لم أكن أعي ما تعني المدرسة, وكنت مراهق طائش تأثر بنظائره من الأولاد, ولكن هنا كان دور الأم جليًا, حازمًا, صارمًا, قويًا, ولا يخلو من الشراسة في إدارة الأولاد وتوجيههم وبمختلف الطرق واللهجات, كي تصل بابنها لما فيه خير له, وبالفعل أكملت التاسع وبعدها حصلت على الشهادة الثانوية, ومن ثم أكملت الدراسة الجامعية, وتخرجت من كلية الآداب, والآن أمارس مهنة التدريس كمعلم وأيضًا أعمل كاتب صحفي في مجال الصحافة, ولولا فضل أمي وصبرها علي وعلى رغبتي الطائشة المتهورة, لما استطعت أن أصل لما وصلت له, ولما استطعت أن أخطّ هذه الكلمات التي تعبر عن حالتي وجانب من دور ومعاناة الأم في حياتي التي عشتها وبقيت محفورة في ذاكرتي, والتي لن أنساها ما حييت, وهذه حالة من ملايين الحالات التي كان للأم دور في توجيهها وتصحيح مسارها نحو الطريق الصحيح.
فالأم مجتمع متكامل لا يخلو من القوة والحنان, ورغم الحنان والعاطفة التي تملكها وتمييزها إلا أنها عند الحاجة تملك من الشراسة والصرامة والقوة, ما يجعلها تصل لهدفها وغايتها ورسالتها في الحياة, من أجل المحافظة على اتزان المجتمع وثباته وحمايته من التدهور والضياع.
الاسمبريد إلكترونيرسالة