بقلم أ. مصطفى طه باشا
تُشعرنا
الحياة مرات بالدفء والسلام والسعادة، ومرات كثيرة بالضيق والتعب والحزن، فهل هذه
سنة الكون, والكل يجب أن يعيشها بتناقضاتها ومفاجآتها, أم هذه التناقضات حكر على
فئة معينة من الشعب؟
البعض
يعيش بهناء وسعادة ورغد, ولا ينقصه شيء سوى لبن العصفور - كما يقال في العامية - كل
شيء يحتاجه موفر له من أساسيات العيش إلى رفاهيات السعادة, وهنا نتحدث عن الأغنياء
- الطبقة الوسطى والغنية – والذين يعتبروا شريحة لا يستهان بها على مستوى العالم،
بينما يعيش الغالبية العظمى حياة فقر تكاد تخلو من مقومات السعادة والراحة, وتعتبر
مليئة بالتعب والمشقة, وهنا نتحدث عن معظم سكان الدول النامية والفقيرة, والتي تُشكل
غالبية سكان الكرة الأرضية.
وإذا
ما عدنا إلى تناقضات الحياة واختلاف ظروف الإنسان, وما يعانيه من أحداث, سواء كانت
قاسية أم سعيدة, فعندما يكون البعض ينعم بدفء الفراش في الليل, ولا شيء يعكر صفو
نومه إلا أصوات صراصير الليل, التي تغني وتكثر في الأرياف, أو ربما ضجيج بعض
السيارات والذباب في المدن, يكون هناك عالم آخر مليء بالإثارة والحركة والخوف, إنه
عالم المشافي حيث قسم الحالات العاجلة الذي يعج بالمرضى, ويضج بأنين المعاناة.
ولو
نظرنا لتصرفات البشر المتناقضة, نشعر بأن الحياة غريبة وعجيبة, فالطفل يخاف من
الذهاب للحلاق في صغره, وعندما يكبر يدرك قيمة الحلاقة, ويحب الذهاب للحلاق بشكل
مستمر, وكذلك الأمر بالنسبة للمدرسة حيث
يخاف منها, ويشعر بالرهبة والخوف.
هذه
الأحداث والتصرفات والعادات المكتسبة, تولّد لدى الإنسان مناعة وقوة تحمل, كي يخوض
الحياة بتناقضاتها ومفاجآتها التي لا تنتهي .
فالحياة عبارة عن كتلة تناقضات وأحداث, قد تكون سعيدة ومبهجة وقد تكون قاسية وصعبة, ولكن الكل مُجبر على عيشها وتحملها, سواء كان غني أم فقير, سواء كان أسود أم أبيض, والعبرة من هذه التناقضات؛ بمن يدرك هذه الحياة ويرضا بها ويفهمها.