بقلم أ. مصطفى طه باشا
يمرّ هذا الزمن بسرعة رهيبة, وتمرّ معه الأحداث بشكل أسرع فأسرع، وكأن الزمن والأحداث يلعبان مارثون الجري السريع, فكل شيء بات سريع ولا نكاد ندرك ما يحدث من شدّة تسارع الأمور والأحداث في حياتنا.
تقلّبات كثيرة عصفت بحياتنا ومزقت شرايين أمننا, وتركتنا نتأرجح في ثنايا الخوف والقلق، فإذا ما اعتبرنا كورونا وما حملته لنا من مآسي وأحزان وصعاب ومشاكل, فإن مشاكل حياتنا الأخرى لا تقل عن كورونا خطورة, فقد انقلب كل شيء كنا نعتقد أنه راسخ وثابت في مجتمعنا, ولم نكن نظن في يوم من الأيام أنه يمكن كسره أو تجاوزه, فهو من العادات الراسخة والقوية في المجتمع وعادة ما تكون العادات, وخاصة إذا كانت عادة إيجابية لا تتضارب مع الدين والأخلاق - فمن الصعب أو المستحيل دثرها أو تجاوزها أو حتى تغييرها - ولكن في زمننا هذا؛ لم تصمد العادات ولا الأخلاق ولا الشرع ولا حتى القوانين والأنظمة أمام حركة التغيير, فقد مُسِحت الكثير من العادات, وأهمها صدق المعاملة, عدم طعن العشرة, وحفظ الود, فعند العرب هذا الأمر من المحرمات التي لا يمكن غفرانها, فالود له مكانة مقدسة في قلوب العرب المتمسكين بعاداتهم الأصيلة, ولو تضارب الأحباب وأصبحوا أعداء, يبقى الود محفوظ بينهم - قالت العرب قديمًا؛ لنا خاطر بيننا على فنجان قهوة, وهذا دليل على عظمة الود ووجوب حفظه, وعدم نكران العِشرة, ولو كانت صحبة قصيرة حدث بينها شرب قهوة - ما نجده الآن عجيبًا غريبًا, وكأن الشعب تبدّل وبات قوم آخر مكانه لا يعترف بالعادات ولا حتى العبادات والتي من أهمها المعاملة الحسنة, والتي هي أساس دين الإسلام ويعتبر حفظ الود وصون العِشرة من ضمنها, التي حثنا ديننا على وجوب التخلّق بها كي نتميّز بكوننا مسلمين, فأين نحن اليوم من هذا الأمر, وكيف لنا أن نكون عرب, أو حتى مسلمين, ونحن بعيدين كل البُعد عن أبسط خُلق يجب أن نحمله ونتعامل به, ألا وهو حفظ الود والعِشرة ؟